عمل المرأة الحقيقي في الإسلام
الجزء 1

إنك تعجب حين تقرأ في توصيات مؤتمرات المرأة، وأفكار المنادين بتلك التوصيات عدم إقامتهم لعمل المرأة في بيتها قدرًا، بل يرونه من أسباب فقر المرأة، وضحالتها العلمية، وعملها المعتبر هو ما كان خارج المنزل، وما سوى ذلك فهر بطالة !!!
والرد على هذا التصور الخاطئ يتبين من خلال ما يلي:
إن ما تقوم به المرأة من عمل داخل بيتها يعد من العمل المعتبر عند الاقتصاديين.
فالعمل في اللغة هو المهنة والفعل، يقال: عمل عملاً، أي: فعل فعلا عن قصد. والعمل في الاقتصاد: مجهود يبذله الإنسان لتحصيل منفعة.
والمتأمل لعمل المرأة المنزلي يجده يدخل ضمن مفهوم العمل بمعناه اللغوي والاقتصادي، بل إن الاقتصاديين أنفسهم يعتبرون صراحة العمل المنزلي عملاً منتجا، يقول د: عبد الرحمن يسري أحمد: "إن إهمال تقدير خدمات وأعمال ربات المنزل عند حساب الناتج القومي يؤدي إلى كثير من المغالطات". كما يفرد (رونالد إيرنبرج، وروبرت سميث) في كتابيها (اقتصاديات العمل) فصلا كاملا حول الإنتاج المنزلي، والأسرة، وفرص العمل، يتحدثان فيه بإسهاب عن توزيع الوقت المتاح بين العمل في المنزل وخارجه، ومن يقوم بالعمل في المنزل ونحو ذلك.
ويؤكد تقرير للأمم المتحدة صدر عام 1985م القيمة الاقتصادية لعمل المرأة في البيت، فيقول: " لو أن نساء العالم تلقين أجوراً نظير القيام بالأعمال المنزلية، لبلغ ذلك نصف الدخل القومي لكل بلد، ولو قامت الزوجات بالإضراب عن القيام بأعمال المنزل لعمت الفوضى العالم: سيسير الأطفال في الشوارع، ويرقد الرضع في أسرتهم جياعاً تحت وطأة البرد القارس، وستتراكم جبال من الملابس القذرة دون غسيل، ولن يكون هناك طعام للأكل، ولا ماء للشرب.
ولو حدث هذا الإضراب… فيسقدر العالم أجمع القيمة الهائلة لعمل المرأة في البيت … إن المرأة لو تقاضت أجراً لقاء القيام بأعمالها المنزلية لكان أجرها أكثر من 145000 دولار في السنة … وإن النساء الآن في المجتمعات الصناعية يساهمن بأكثر من 25% الى 40 % من منتجات الدخل القومي، بأعمالهن المنزلية"
بل إن عمل الامهات في البيوت لا يقدر بثمن، وقد قامت مؤسسة مالية في الولايات المتحدة بدراسة عمل الأم في المنزل (كالتربية، والطبخ، والإدارة المالية، والعلاج النفسي للأسرة…" ومحاولة تقديره بحسابات مادية على الورق، فوجدت أن الأم تستحق أجراً سنويات يصل الى 508 آلاف دولار - محسوباً على أساس الأجور السائدة في الولايات المتحدة الامريكية - وقال المحلل المالي ريك إدلمان لهذه المؤسسة: " حيث إن الأم تعمل 24 ساعة مستمرة يومياً، توصلنا إلى أنها تستحق أجر وقت دائم سنوي، يساوي أجر سبع عشرة وظيفة مهمة".
جاء في تقرير صادر من الولايات المتحدة الأمريكية عن (الصحة، التربية، الرعاية الاجتماعية، لدراسة شؤون العاملين في ميادين العمل ومن ذلك عمل المرأة الأمريكية وانعكاسه على أسرتها وأطفالها ومما جاء في هذا التقرير
1- الحقيقة الواضحة أن رعاية الاطفال يعتبر عملاً بكل ما يفيد مفهوم العمل، لان هذه الرعاية مهمة صعبة، وذات أثر خطير على المجتمع الكبير، أكثر من أي عمل آخر تدفع له الأجور"
2- " والمشكلة هنا إذا أعتبرت الأم عاملة، وتؤدي عملاً جليلاً، فمن ياترى صاحب العمل المكلف بأن يدفع لها أجراً؟ ربما قد يكون الجواب: إن الزوج هو المكلف بالدفع، لأن عمل زوجته في البيت يسهم في راحته وزيادة إنتاجه خارج البيت، وإذا لم يكن لربة البيت زوج، فكانت أماً لأيتام - مثلاً - فمن الذي يدفع لها، لقاء رعايتها أطفالها وبيتها ؟ الجواب: طالما أن عملهن يفيد المجتمع عامة فمن الواجب أن يدفع لهن من دخل الامة.
3 - ان دعامة الاسرة هي المرأة، وهذه الدعامة تتمثل في وظيفة المرأة الأساسية آلا وهي العناية بالأسرة من رعاية الأبناء، وتنشئتهم النشأة الصالحة دينياً ونفسياً واجتماعياً حتى ينشأوا أسوياء، ولا يمكن أن يقوم بهذا الدور إلا الأم.
ومن الواضح أن عمل الانثى الاول الذي لا يصلح له غيرها هو النسل، وحفظ النوع، لأن تركيب الذكران العضوي لا يسمح لهم بحمل الجنين ولا إرضاعه، ومن الثابت أن إرهاق المرأة بعمل يترك أثراً في مزاجها وفي أعصابها ومن الثابت ايضاً ان ذلك الاثر ينتقل الى جنينها في حالة الحمل، كما ينتقل الى طفلها في حالة الرضاعة.. ويقول مجموعة من استاذة طب النساء والولادة في كتاب "الحمل والولادة": " تحتاج الحامل الى عناية شديدة من المحيطين بها في هذه الفترة بالذات، إذ تكون أكثر حساسية من أي وقت مضى، سريعة التأثر والانفعال، والميل الهموم والحزن لأتفه الأسباب.. وذلك بسبب التغير الفسيولوجي في كل أجزاء الجسم… لذا يجب أن تخاط بجو من الحنان والبعد عن الأسباب التي تؤدي إلى تأثرها وانفعالها وخاصة من ناحية الزوج أو الذين يعيشون ويتعاملون معها.
وقل لي بالله هل يمكن أن تحاط بجو من الحنان في المصنع أو المتجر او في المكتب… وصاحب العمل لا تهمه حالتها الفسيولوجية، ولا يعرف حاجتها البيولوجية إلى الحنان والراحة… إن يعرف فقط ان عليها ان تؤدي عملاً تأخذ مقابله راتباً مهما كانت ظروفها.
ثم إن المرأة بحاجة الى ان توفر لها الفرصة الكاملة لملازمة طفلها ملازمة كاملة تسمح بأن يصنع على عينها جسماً وعقلاً وخلقاً، لكي تغرس فيه العادات والفاضلة وتجنبه ما قد يعرض له، أو يطرأ عليه من عادات قبيحة.
كما ان اعتماد المرأة العاملة على الخدم وعلى دور الحضانة في رعاية وليدها لا يؤدي الى اكتمال تنشئته، لان الاخلاص له والحرص على ابتغاء الكمال من كل وجه لا يتوافر في أحد توافره في الأم فإن من وراء اخلاصها وحرصها غريزة الامومه.
وهذا الجيل الغربي من التائهين الضائعين … محطمي الأعصاب … مبلبلي الأفكار … قلقي النفوس، وهذه النسبة الآخذة - حسب احصاء الغربيين أنفسهم - للانحراف والشذوذ بكل ضروبه وأنواعه وكل هذه الظواهر والآثار، هي من آثار التجربة التي خاضها الغرب في المرأة، لأن هؤلاء جميعاً هم أبناء العاملات والموظفات والذين عانوا من ارهاق امهاتهم وهم في بطونهن ثم تعرضوا لإهمالهن بعد وضعهم... وللموضوع بقية
المصدر: كتاب حقوق المرأة في ضوء السنة النبوية.