اثر المصارف في الازمة المالية العالمية 2008

 اثر المصارف في الازمة المالية العالمية 2008

بقلم: فنر ذنون يونس 





أولاً: أسباب حدوث الأزمة المالية العالمية

حصل توسع من قبل المؤسسات المالية في منح القروض العقارية وبصورة لم يسبق لها مثيل وزادت نسبة القروض إلى قيمة الممتلكات (المساكن) إذ بلغت القروض العقارية (150)  تريليون دولار في حين بلغ حجم القيمة العقارية (50) تريليون دولار، وساهمت السياسة النقدية المتساهلة التي إتبعها البنك الاحتياطي الفدرالي بقيامه تخفيض أسعار الفائدة، على قيام المؤسسات المالية بالتوسع في منح القروض وقدمت القروض لعدد من المستهلكين أصحاب الملاءة الضعيفة أو الجدارة الائتمانية الرديئة مما جعل قدرتهم على الإيفاء ضعيفة عند حلول أجل السداد، وبما أن عملية إعادة الإنتاج بالمعنى الواسع في النظام الرأسمالي تتكون من ثلاث حلقات أساسية (إنتاج، تبادل وتوزيع، استهلاك) فقد جرى ضخ كميات كبيرة من الأموال في المؤسسات المالية والرهن العقاري والمؤسسات غير المُنتجة فانفجرت الفقاعة في الحلقة الوسطى (التبادل) في عام 2007 واشتدت الأزمة في عام 2008.

ويؤكد البعض إن في هذه الحالة جرى نقل المركز الأساس للقرار الاقتصادي من إنتاج القيمة المضافة في القطاعات الإنتاجية إلى إعادة توزيع الأرباح التي تأتي من التوظيفات المالية لكن هذا الهروب إلى الأمام باتجاه التوظيفات المالية لم يستطيع الصمود لوقت طويل في الوقت الذي سجلت فيه البُنية الإنتاجية معدل نمو ضعيف وهذا الوضع نجم عنه ما يُسمى بالفقاعة المالية والتي جاءت مُعبّرة عن منطق التوظيفات المالية، وهبطت قيمة العقارات ولم يستطع الأفراد تسديد القروض بسبب قيام البنك المركزي الأمريكي برفع أسعار الفائدة فارتفعت الدفعات الشهرية مقابل انخفاض القدرة الشرائية الحقيقية لصاحب القرض لأن دخله ثابت نسبياً، وترتب على عدم التسديد هذه عقوبات إضافية وفوائد جديدة (الفوائد المركبة) وبالتالي حصل توقف عن التسديد، وبما أن العدد الكبير يُقدّر بمئات الألوف أدى في النهاية إلى انهيار سوق العقار، وبالتالي استولت الجهات المقرضة (المصارف) على العقارات وبقيت بدون سيولة لأن الأموال تحولت إلى عقارات مما اضطر الكثير منها إلى إعلان إفلاسها مثل (مصرف ليمان برذرز) وعملية الاندماج بين (شركة ميريل لينش وبنك اوف أمريكا). وبسبب هذه الحالة هبطت قيم أسهم الشركات العقارية في البورصة ولم يتوقف الأمر عند قطاع العقارات حيث امتد إلى الأسواق المالية والقطاعات الأخرى، أي إن الأزمة بدأت بالرهن العقاري وانتقلت للمصارف وشركات التأمين والأسواق المالية وهي في طريقها إلى العصب الحقيقي في الاقتصاد وهو الإنتاج وبدأت الملامح الكساد في الظهور.




ثانياً: تأثير الازمة على الإقراض:

في شهر شباط عام 2007 لم يتمكن عدد كبير من المدينين من سـداد دفعـات قروضـهم  (دفعات قروض الرهن العقاري ) ، علما أن عدم تسديد هـذه الـدفعات يعـو د إلـى قيـام المؤسسات المالية بمنح القروض العقارية لأفراد لا يملكون الضمانات الكافية لسداد هـذه القروض، وقد ترتب على هذا الأمر نتائج سلبية كان أهمها إفـلاس بعـض المؤسـسات المصرفية المتخصصة.

 من شهر نيسان إلى شهر تموز 2007 تزايدت مؤشرات الأزمة المالية، لكنها كانت تسري في محاور الاقتصاد وتتعمق دون أن تتخذ الجهات ذات العلاقة كل ما يلزم لمنع اسـتفحال هذه الأزمة.

في شهر آب عام 2007 اتسعت مخاطر الأزمة المالية، وشهدت الأسواق المالية تـدهورا جوهريا، وبدأت المصارف المركزية ببعض التدخلات التي هدفت إلى دعم الـسيولة فـي الأسواق.

خلال شهر تشرين الأول إلى شهر كانون الأول من عام 2007 استمرت الأزمة الماليـة  في التصاعد، وأدت إلى وقوع انخفاض كبير في أسعار الأسهم لعـدد مـن المؤسـسات المصرفية الكبرى.

  قام البنك المركزي الأميركي يوم 22 / كانون الثاني عام 2008 بتخفيض مهم وجـوهري على معدل الفائدة بقيمة ثلاثة أرباع نقطة (0,75%)  ليبلغ معدل الفائدة(3,5%)  ثم تتابعـت عمليات التخفيض لتصل قيمة معدل الفائدة إلى 2 % في نهاية شهر نيسان عام 2008.

ثالثاً: الجهود المبذولة لمواجهة الأزمة المالية العالمية (مع التركيز على خطة الإنقاذ الأميركية)

إن طبيعة الأزمة المالية العالمية التي تفجرت في العام 2008 ، تتطلب اتخاذ وتنفيذ مجموعـة من الاستراتيجيات والسياسات والإجراءات والبرامج على المستويات المحلية والعالمية بـسبب طبيعة تكوين هذه الأزمة . وقد بذل المهتمون وأصحاب العلاقة والشأن كل ما هو ممكن من المحاولات ووضعوا الخطط لمواجهة هذه الأزمة، ومن ذلك:

ضخ مليارات الدولارات في النظم المالية: لقد تولت المصارف المركزية فـي الولايـات المتحدة الأميركية وأوروبا وغيرها من دول العالم مهمة ضخ مليـارات الـدولارات فـي نظمها المالية من أجل توفير الحماية لهذه النظم ومنعها من السقوط والانهيار، وقد اهتمت المصارف المركزية ومصارف أخرى بتوفير السيولة التـي تلبـي الاحتياجـات الملحـة للمصارف.

تخفيض أسعار الفائدة الأساسية: عملت المصارف المركزيـة علـى إجـراء تخفيـضات جوهرية ملموسة على أسعار الفائدة الأساسية من أجل التعـاطي بفاعليـة مـع الأزمـة والوقوف بنجاح في وجه الأوضاع المضطربة في الأسواق المالية العالمية.

إقرار مشاريع القوانين التي تركز على حماية أصحاب العقارات وإعادة تمويـل قـروض الرهون العقارية التي تدعم وتساعد أصحاب هذه العقارات على تجاوز أزمتهم.

إن جوهر خطة الإنقاذ الأميركية هو أن تشتري الدولة أصولا هالكة مرتبطة بالرهون العقارية بقيمة 700 مليار دولار . وقد أقر مجلس الشيوخ الأميركي قانونا خاصا بهذه الخطة بعد أن تم إدخال بعض التعديلات الطفيفة عليها، ومهلة هذه الخطة هي لغاية يوم  31 /12 /2009 ، مع  إمكانية تمديد هذه الخطة لمدة سنتين (من تاريخ إقرارها ).

ومن الملفت للنظر أن خطة الإنقاذ اعتمدت التدخل المباشر في السوق من أجل إنقاذ المؤسسات المتورطة، وهذا الأمر يناقض فلسفة الفكر الرأسمالي.

وقد هدفت خطة الإنقاذ الأميركية إلى تحقيق الأهداف الآتية:

  •  تحقيق الحماية الكافية والمناسبة للمدخرات وللعقارات التي تعود إلى دافعي الضرائب.
  • تشجيع النمو الاقتصادي.
  • الزيادة الكافية في عائدات الاستثمارات وتعظيمها إلى أفضل المستويات الممكنة.
  • التخلص من كل الانعكاسات والآثار السلبية للأزمة المالية العالمية خصوصا انعكاساتها وآثارها على المؤسسات المالية والمصرفية.

 أهم النقاط البارزة في خطة الإنقاذ الأميركية:

  • تطبيق خطة الإنقاذ على مراحل ، ويتم السماح للخزينة الأميركية بشراء أصول هالكة بقيمة تصل إلى 250 مليار دولار في المرحلة الأولى، مع إمكانية زيادة هذا المبلغ ليصل إلى 350 مليار دولار بطلب من الرئيس الأميركي.
  •  يمتلك الكونغرس الأميركي حق النقض الفيتو على عمليات شراء الأصول الهالكة التي تتجاوز المبالغ المحددة.
  •  تحصل الدولة على حصتها في رؤوس أموال وأرباح الشركات التي تستفيد من خطة الإنقاذ.
  •  نصت الخطة على إجراءات لحماية المالكين المهددين بمصادرة عقاراتهم (بيوتهم) ، علماً أنه كان من المقرر تنفيذ حوالي مليوني إجراء يتعلق بمصادرة العقارات (البيوت ) في العام 2009.
  • أكدت الخطة على منع دفع التعويضات الكبيرة جدا لصالح مديري الشركات والمسؤولين فيها والذين يتم تسريحهم أو يستقيلون من الشركات التي باعت أصولا لوزارة الخزانة الأميركية.

مما يتقدم يمكن الوقوف على مجموعة من النقاط أهمها 

  • عدم الشفافية وعدم الإفصاح التام لكثير من المؤسسات المالية عن وضعهم المالي وهدفهم من وراء ذلك جذب الاستثمارات ومن ثم ارتفاع القيمة السوقية لأسهم مؤسساتهم.
  •  لم يؤثر رصيد قروض الرهن العقاري على أي من المتغيرات المالية وذلك بسبب عجز المقترضين عن تسديد الأقساط المتضمنة مبلغ الفائدة وجزء من أصل المبلغ.
  • الكثير من قروض الرهن العقاري تمت بوساطة السماسرة وعن طريق الاكتتاب الإلكتروني وهذا يعني نقص المستندات الخاصة بالمقترض.
  • استخدام عمليات التسنيد وبشكل واسع في مجال قروض الرهن العقاري وهذا ما أدى إلى انتشار آثار الأزمة في معظم دول العالم.

  المصادر:

·       https://cbi.iq/static/uploads/up/file-152232067566201.pdf

·       http://iefpedia.com/arab/wp-content/uploads/2009/11/9-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%A1%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B2%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9.pdf