الديون الخارجية وتبعية الاقتصادات العربية

الديون الخارجية وتبعية الاقتصادات العربية 

من المعروف ان المديونية الخارجية باتت تشكل "الفخ" الذي تنصبه الدول الاستعمارية السابقة والمهيمنة الدائنة، بإحكام؛ لإيقاع بلدان العالم الثالث النامي في شراك التبعية والخضوع، وذلك في إطار استراتيجيات بعيدة المدى، تستخدم المديونية كوسيلة ضغط على البلدان المَدينة قصد التدخل في شؤونها الداخلية، وفرض شروطها المجحفة، والانقاص من مساحة قراراتها السيادية، كضمان لتبعية الدول الدائنة في مختلف المجالات، وإحدى أوجه التبعية القسرية، الإجبار على اعتماد ما يعرف بسياسة الإصلاح الهيكلي، ولو في غير صالح الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ومن أنماط التبعية في هذا السياق نذكر:



  • التبعية التجارية؛ يقصد بها تحكم الطلب العالمي في معدلات نمو اقتصادات الدول المَدينة؛ حيث ان التصدير يعتبر المصدر الأساس للدخل في الدول المَدينة فيتأثر هذا المصدر للدخل بالطلب العالمي على المنتج نفسه، نتيجة لتقلبات الظروف الاقتصادية العالمية، فتذبذب أسعار النفط على سبيل المثال نتيجة لارتفاع وانخفاض الطلب عليه.


  • التبعية المالية؛ فالدول المَدينة بحاجة الى مصادر لتمويل خططها الإنمائية، ما يجعلها تفتح الباب امام رأس المال الأجنبي بأشكاله المختلفة، وحتى دول النفط الغنية، قامت بعملية اندماج لمؤسساتها المالية في النظام الرأسمالي الدولي مما قد يجلب لها مخاطر عدة، منها احتمال التجميد من قبل الحكومات الغربية كما حدث مع الودائع الليبية والعراقية. 




  • التبعية التكنلوجية؛ ويقصد بها استيراد التكنلوجيا من الدول المتقدمة بدل العمل على تنميتها وطنياً أو إقليميا، وقد اختارت معظم الدول النامية اكتساب هذه التكنلوجيا عن طريق استيرادها جاهزة باعتقادها ان ذلك سيمكنها من اختصار الوقت والنفقات لكن المشكلة تكمن في السير بخطوات بعيدة خلف التقدم التكنلوجي، ما يجعلها تابعه دوماً له. 

  • التبعية الاستثمارية؛ وهو ما يمثل في احتلال المستثمرين الأجانب للأصول الإنتاجية الاستراتيجية التي بنتها في الدول المَدينة خلال عقود من الزمن على نحوٍِ يعيد لها السيطرة، فبعد وصول ازمة الديون الى مستوى حرج، ظهر اتجاه بين صفوف الدائنين يدعو الى مبادلة الدين الخارجي ببعض الأصول الإنتاجية في الدول المَدينة، وهنا يتحول الدائنون الى مستثمرين، وهو ما يؤدي الى اخضاع السياسات الاقتصادية والاجتماعية في البلدان المَدينة الى مزيد من الرقابة الخارجية. 


  • التبعية في مجال الدعم والمساعدات الخارجية؛ لا سيما بعد توسيع الفجوة الغذائية وزيادة الحاجة الى الاستيراد من المواد الغذائي، على اثر تراجع مستوى الإنتاجية في القطاعات المنتجة للسلع والمواد الاستهلاكية الضرورية، بالإضافة الى تدهور أسعار صرف العملات المحلية مقابل الدولار، ما أدى الى زيادة معدلات الفقر في الدول المَدينة. 
    المصدر: كتاب القروض الدولية وآثارها على اقتصادات الدول الإسلامية - يحيى السيد عمر