مقدمة
كشفت التجربة الإنسانية في كل بقاع العالم تقريبا وهم الإعتقاد بأن التعويل علي قوى السوق كفيل بالقضاء على الفقر أيا كان تعريفه سواء كفقر الدخل أو فقر القدرات . فحتي في ظل المنافسة الكاملة سيخرج بعض المنتجين من السوق ويتشرد عمالهم ومن ثم يقعون في دائرة الفقر ، كما أن إمتلاك قدرات تعليمية وصحية لا يوفر ضمانا بالحصول على عمل ، ومن ثم على دخل يفي بضرورات الحياة . ولذلك إنتهت الحكومات في الدول الرأسمالية التي تعلي من شأن آلية السوق في إدارة إقتصادها إلي الأخذ ببرامج متعددة لتجنب وقوع أعداد كبيرة من السكان في هوة الفقر ، وما يعرف بخدمات دولة الرفاهة في بعض الدول ، أو إقتصاد السوق الإجتماعي في دول أخرى ، هما نموذجان لهذه البرامج ، والتي لم ينجح الجنوح إلى التقليل من دور الدولة في ظل إنتشار موجة الليبرالية الجديدة في إسقاطها تماما من إلتزامات الحكومات في الدول الرأسمالية المتقدمة ، كما أضطرت الحكومات في الدول التي عرفت نقلة كبري في إقتصاداتها بفضل جرعات هائلة من الإستثمارات المحلية والأجنبية ، التي وسعت من قدراتها الإنتاجية ولكن تركت وراءها جيوشا من الفقراء والمهمشين ، أن تأخذ ببرامج جديدة تستهدف تحديدا علاج الآثار السلبية لهذا النمو علي مستويات معيشة وأوضاع حياة أعداد كبيرة من المواطنين .
ولذلك أصبحت مكافحة الفقر هدفا للسياسة العامة في العديد من دول العالم ، طبعا نجحت برامج دولة الرفاهة في الدول المتقدمة في تجنيب تعرض أعداد كبيرة من المواطنين لهذين النوعين من الفقر . توفير التعليم والخدمات الصحية والسكن الرخيص لكل المواطنين سوف يقيهم من معاناة فقر القدرات ، وإعانات البطالة أو العجز عن العمل سوف تحصنهم من إنعدام مصدر للدخل أو إنخفاضه عن الحد الضروري لإشباع حاجاتهم الأساسية . هذا هو الوضع السائد في الدول الإسكندنافية وألمانيا مثلا . وحتي في حالة الولايات المتحدة والتي هي الأقل أخذا بهذه البرامج ، فإن حكومتها تتيح للفقراء الحصول على كوبونات الطعام التي توفر لهم قدرا من الغذاء ، وقد سعى الرئيس أوباما منذ فترته الأولي في البيت الأبيض إلى إتاحة الرعاية الصحية على نحو ميسور ، وهو ما مكن أكثر من عشرين مليون مواطن أمريكي الإستفادة من خدماتها والتي لم يكونوا يقدرون على تحمل نفقاتها قبلا.....للإطلاع على المزيد بإمكانك تحميل الكتاب بصيغة PDF.